في يوم من ايام الربيع، افاقت الحديقة الجميلة باشجارها النضرة ونباتاتها المتنوعة وازهارها الملونة، على اصوات زقزقة حادة تشبه الشجار. تساءلت النباتات عن سر هذه الاصوات، وتهامست الازهار عن معنى تلك الزقزقة المشاغبة، فقالت لهم الأشجار: ان طائرا كبيرا قد اقتحم عش حمامة بنته في حضن ذلك الصندوق الخشبي، واحتله. وها هي الطيور انقسمت إلى فرقتين: فرقة تثني على عمل الطائر الكبير وتؤيده، وفرقة تقف الى جانب الحمامة وتحتج على فعل الاقتحام. حزنت الحديقة وكل ما فيها، لمنظر الطيور وهي تتعارك وتتبادل السباب والصياح، وبعضها ينتف رياش بعضها الاخر. دعت الحديقة نباتاتها واشجارها إلى اجتماع عاجل لمناقشة الوضع الراهن، واقتراح حلول تعيد السلام الى الحديقة ومن يعيش فيها. وبعد مشاورات ومداولات، اهتدوا إلى فكرة تقضي ان يكتبوا على ورق الشجر رسائل محبة إلى الطرفين المقاتلين، لعلها تسهم في صلحهما وتلطيف الاجواء بينهما. ماست الاشجار وسقطت الاوراق، فعطرتها الورود عبيرا وطرزتها الازهار محبة، وحملها النسيم رسائل صدق ومودة. وعندما استلمتها الطيور المتنافرة وقرات ما جاء فيها، خجلت كل فرقة من موقفها وادركت خطا فعلتها، وعرفت ان الخصام والتفرق لا ينفع احدا منها. فغردت فرحا وتنادت صلحا ورقت قلبا وصفَتْ نفْسا، وعاد الامان إلى الاعشاش، والسعادة الى الأشجار والهدوء الى الحديقة