تعالوا معنا لنعيش مع ثاني الخلفاء الراشدين الذي ملأ الدنيا عدلاً فصار مثالاً للعدل ، أرادته الدنيا ولكنه لم يردها فصار مثالاً للزهد فيها .
إنه عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ابن نفيل بن عبد العُزّى ، وُلد رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة ، وأسلم في السنة السادسة من النبوة .
ولنبدأ بقصة إسلامه "رضي الله عنه
لقد كان عمر بن الخطاب أشد الناس عداوة لدين الله ولمحمد صلى الله عليه وسلم وبلغ عداؤه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم متقلداً سيفه ليقتل هذا الرجل الذي ساوى بين السادة والعبيد وسبّ آلهة قريش وسفّه أحلامها فإذا برجل يقابله ويقول له : إلى أين يا عمر ؟
قال عمر : أريد أن أقتل محمد ، والرجل يعرف من هو عمر وماذا يعني بكلماته هذه فأراد أن يصرفه عن ذلك .
فقال له الرجل : إن أُختك وزوجها سعيد بن زيد قد أسلما . وما أن سمع عمر رضي الله عنه هذا الخبر إلاّ ظهر الغضب على وجهه.
قال عمر : أختي فاطمة بنت الخطاب.
قال الرجل : نعم، فاطمة بنت الخطاب ، فأسرع عمر إلى بيتها، وترك البحث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
تعالوا لنرى ماذا سيفعل عمر رضي الله عنه مع أُخته وزوجها
ما أن وصل عمر إلى بيت أُخته وزوجها فطرق الباب وكان عندها عندئذ (خبّاب بن الأرتّ ) يُعلمها القرآن ، فلما سمعا صوت عمر سارعا بإخفاء ( خبّاب بن الأرتّ ).فقال عمر : ما هذا الصوت الخفيّ الذي سمعته ؟ وكانوا يقرءون سورة ( طه ) فقالا ( فاطمة وزوجها ) : إنه حديثاً تحدثناه بيننا.
قال عمر : لعلكما قد صبأتما ( ويعني دخلتما في دين محمد صلى الله عليه وسلم.
فقال سعيد : إن كان الحق في غير دينك ؟
فوثب عليه عمر فوطأه وطأً شديداً فجاءت أخته فاطمة لتدفعه عن زوجها فضربها على وجهها فسال الدمّ منه
فقالت فاطمة وهي غضبى : وإن كان الحق في غير دينك ؟.
أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
وهنا هدأت نفس عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورقّ قلبه ،
وقال لهما : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرؤه .
فقالت له فاطمة : إنّك رجس ، وإنه لا يمسه إلاّ المطهرون . فقم وتوضأ ، فقام عمر رضي الله عنه فتوضّأ ، ثمّ أخذ الكتاب وقرأ سورة ( طه ) حتى انتهى إلى قوله تعالى : " إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري " وقال دلّوني على محمد ؛ فلما سمع خباب بن الأرتّ قول عمر بن الخطاب خرج وقال : أبشر يا عمر ؛ فإنّي أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك قد استُجيبت فقد دعا رسول الله فقال " اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام " وعرف عمر رضي الله عنه من حباب مكان النبي وأصحابه فانطلق إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم والتي فيها النبي وأصحابه ، وكان على باب الدار حمزة بن عبد المطلب وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما .
احرص علي الدعاء في أوقات قبوله
تُرى ماذا قالا عندما رأياه ؟
قالا : إن يُرد الله به خيراً يسلم ، وإن يُرد به غير ذلك يكن قتله علينا هيّناً، فإذا به يطلب مقابلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأذن له فيقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُعلن إسلامه ويشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً عبد الله ورسوله . فكبر المسلمون وفرحوا بإسلام عمر رضي الله عنه ، وكان إسلامه فتحاً ونصراً مبيناً للمسلمين حتى إن عبد الله بن مسعود كان يقول " ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر رضي الله عنه ".
تُرى ماذا يفعل عمر رضي الله عنه بعد إسلامه ؟
أبى عمر – رضي الله عنه – أن يظل نور الإسلام في دار الأرقم بن أبي الأرقم فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله " ألسنا على الحق في مماتنا ومحيانا " ؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم بلى يا عمر والذي نفسي بيده إنكم لعلى الحق إن مُتم وإن حييتم .
قال عمر : والذي بعثك بالحق لتخرجنّ ولنخرجنّ معك .
ويخرج المسلمون من دار الأرقم بن أبي الأرقم في
صفين عمر على رأس أحدهما والآخر على رأسه حمزة بن عبد المطلب ؛ ليُعلنوا لمكة كلها هذا الدين الجديد، وهكذا يعلن عمر – رضي الله عنه – إسلامه أمام سادة قريش، ولا يجرؤ أحد أن يوجه إليه ضربة أو يتعرض له بأذى، ولكن استمر الأذى بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالهجرة فخرجوا متخفين حتى لا يراهم أحد من قريش
تعالوا لنرى موقف عمر رضي الله عنه عندما أراد الهجرة : ترى ماذا سيفعل عمر – رضي الله عنه – أيخرج متخفياً خوفاً من قريش ؟
كن قويا في الحق
يأبى عمر – رضي الله عنه - أن يخرج متخفياً ، بل خرج على جواده( فرسه ) متقلداً سيفه ، وأتى الكعبة وسادة قريش جالسين بفنائها ؛ ليُعلن أمامهم أنه مهاجر، ويقول لهم : " من أراد أن تثكله أُمّه ، أو يُيَتم ولده ، أو تُرمل زوجته ؛ فليلقني وراء هذا الوادي " .
تُرى بعد هذه الكلمات من سيخرج وراء عمر – رضي الله عنه؟
لم يجرؤ أحد من قريش أن يخرج وراءه ، أو أن يمنعه من الهجرة إلى المدينة وينطلق رضي الله عنه متوجهاً إلى المدينة ، ويبدأ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة مرحلة جديدة ، وهي بناء الدولة الإسلامية.
ويشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزواته ويبلي فيها بلاءً حسناً ، وظل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بجوار رسول الله وأحد مستشاريه ، فكان رضي الله عنه راجح العقل حتى قال بعض الصحابة : لو أن عمر بن الخطاب وضع في كفة ميزان ، ووضع علم أحياء الأرض في كفة لرجح علم عمر.
وكانوا يرون أنه وهب - رضي الله عنه - بتسعة أعشار العلم ، لهذا كان رضي الله عنه يرى الرأي فينزل القرآن ليؤيده
احرص علي الاستشارة قبل أن تقبل علي عمل ما
ثم يتولى أبو بكر الخلافة بعد رسول الله ويظل عمر رضي الله عنه بجواره يلازمه ولا يفارقه في فترة خلافته ، وظل مستشاره وعونه حتى قضى على أخطر فتنة هددت كيان الدولة الإسلامية في مهدها وهي فتنة المرتدين.
تعالوا لنرى كيف آلت إليه الخلافة رضي الله عنه ؟
مرض خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق ولمّا اشتد به المرض دعا عبد الرحمن بن عوف وقال له : أخبرني عن عمر بن الخطاب.
فقال : ما تسألني عن أمر إلاّ أنت أعلم به.
فقال أبو بكر : وإن سألتك.
فقال عبد الرحمن بن عوف : هو والله أفضل من رأيك فيه.
ثم دعا عثمان بن عفان فقال له : أخبرني عن عمر بن الخطاب . فقال له : أنت أخبرنا به . فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته وأن ليس فينا منه .
وشاور غيرهما من المهاجرين والأنصار ، فأثنوا عليه جميعاً إلاّ أن بعض
الصحابة دخل عليه وقال له : ما أنت قائل لربك إن سألك عن استخلاف
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – وقد نرى غلظته.
ماذا كان جواب أبي بكر الصديق – رضي الله عنه - ؟
قال له: بالله تخوفني ؟ أقول اللهم إني استخلفت عليهم خير أهلك وأبلغ عني ما قلت مَن ورائك.
ثم دعا عثمان بن عفان، فقال له اكتب " بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها ، أني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب فاسمعوا وأطيعوا ، فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه ، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب ، والخير أردت ولا أعلم الغيب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
ثم أتي عمر خالياً فأوصاه خيراً ، ثم بايعه الناس في المسجد على السمع والطاعة واستهل خلافته - رضي الله عنه - بهذه الخطبة التي ترسم ملامح خلافته
تعالوا لنرى كيف كانت أول كلماته بعد مبايعته بالخلافة :
" بلغني أن الناس هابوا شدتي ، وخافوا غلظتي أو قالوا قد كان عمر يشتد علينا ورسول الله بين أظهرنا ، ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا دونه ؛ فكيف وقد صارت الأمور إليه ؟ أيها الناس إني قد وُليت أموركم ، أيها الناس فاعلموا أن تلك الشدة قد أُضعفت ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي ، فأما أهل السلام والدين ؛ فإنها أين لهم من بعضهم البعض أو إني بعد شدتي تلك أضع خدي على الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف "
وبهذه الكلمات يرسم عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ملامح خلافته ؛ فالعدل والرحمة والتواضع هم الأساس الذي انطلقت منه خلافته التي ملأ الدنيا فيها عدلاً ورحمة وشهدت له الأعداء قبل الأصدقاء
كن رحيما بالناس ومتواضعا لهم
تعالوا نقف أمام صور من عدله ورحمته وزهده رضي الله عنه :
كان رضي الله عنه أعدل الناس ؛ فلم تعرف الدنيا حكماً عادلاً مثله0 فقد أتى إليه يوماً فتى مصري يشكو إليه محمد بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ابن حاكم مصر ، فقد ضربه حتى أوجعه ؛ لأنه سابقه فسبقه ، فأرسل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على الفور إلى عمرو بن العاص وابنه ليأتياه فلما حضرا نادى عمر بن الخطاب المصري ، وقال له : خُذ الدرة واضرب بها ابن الأكرمين ، فضربه الفتى حتى أثخنه ؛ ثم قال للمصري : اضرب صلعة عمرو فوالله ما ضربك إلاّ بفضل سلطانه.
فقال المصري : يا أمير المؤمنين قد استوفيت
وضربت من ضربني ثم التفت عمر رضي الله عنه لعمرو بن العاص ،وقال هذه الكلمات " يا عمرو متى استبعدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ".
اعدل بين الناس بصرف النظر عن دينه أو لونه
أما عن رحمته – رضي الله عنه:
فقد كان أرحم الناس ، فها هو رضي الله عنه في عام الرمادة وقد نزل الضر بكل من كان بالمدينة إلاّ أن هناك في أقصى المدينة جماعة قد أصابهم الضر أكثر من غيرها ، فإذا به رضي الله عنه يذهب مسرعاً إليهم يحمل فوق ظهره الدقيق وخادمه
وراءه يحمل قربة مملوءة زيتاً، ثم يطهو بنفسه الطعام ويطرحه على ردائه ليأكلوا حتى يشبعوا ثم ينقلهم رضي الله عنه داخل المدينة ؛ ليكونوا بالقرب منه حتى يشرف على رعايتهم.
تعالوا نتعرف على زهده
فقد كان أزهد الناس وكلما يُقدّم له الطعام الطيب يبكي ويقول :
- كل هذا لنا وقد مات إخواننا فقراء لا يشبعون من خبز الشعير.
- و يقول أو كلما اشتهيتم اشتريتم !
وكان لباسه رضي الله عنه حُلّتين حلة في الشتاء وحلة في الصيف ولا يزيد عليهما وبرحمته وعدله وزهده رضي الله عنه كثُرت الفتوحات الإسلامية في عهده وانتشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ، فانتشر الإسلام في بلاد العراق وما وراءها بعد معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص و فتح بيت المقدس وفتح مصر و غيرها من البلاد الأخرى .
الفتوحات الإسلامية في عهده " رضي الله عنه":
1- فتح العراق وبلاد فارس:
تعالوا معنا نعيش مع أحداث معركة من معاركنا الإسلامية وفتح من فتوحاتها في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – إنها معركة القادسية.
كان على عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يستكمل مسيرة الفتوحات الإسلامية التي بدأها خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – في بلاد الشام، ونجحت الجيوش الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القضاء على جيوش الروم، ومن ثم خضعت بلاد الشام للدولة الإسلامية.
تُرى هل اكتفى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ببلاد الشام وكسر شوكة الروم ؟
لم يكتف بذلك لأن هناك عدوّاً آخر أكثر عناداً وكفراً يمكث في بلاد العراق وفارس، يُخطط للقضاء على قوة المسلمين " إنهم الفرس الذين يعبدون النار " . لذا بدأ عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يُعدّ العدّة لكسر شوكة الفرس، وخضوع بلادهم للدولة الإسلامية، ونشر الدين الإسلامي الجديد في ربوعها، أعلن - رضي الله عنه – أنه سيخرج بنفسه على رأس هذا الجيش .
توافد الناس إليه من كل أنحاء شبه الجزيرة العربية، إلاّ أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمثال طلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما رضي الله عنهم كان لهم رأي آخر، وهو أن يظل عمر بن الخطاب في المدينة ويبعث رجلاً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بدلاً منه، لأن المسلمين في حاجة إلى بقاء الخليفة بالمدينة حتى يدبر شئونهم، ويمد الجيش بالجنود عند الحاجة .
واستقر الرأي على اختيار أحد الصحابة ليكون قائداً لهذا الجيش
تُرى من سيكون قائداً لهذا الجيش ؟
استشار عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أصحابه فأشاروا عليه بأن يكون على رأس هذا الجيش خال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هو أحد العشرة المبشرين بالجنة " وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتفاخر به ويقول :
هذا خالي فليرني كل امرئ خاله " وقد كان من السباقين للإسلام، وهو رجل مستجاب الدعوة . فقد كان يخاف الناس دعوته 0أترون من يكون هذا الرجل ؟
إنه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .
أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في طلب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، وأمّره على الجيش ثم أوصاه عمر رضي الله عنه .
تُرى بماذا أوصاه ؟ قال له :
" يا سعد لا يغرنك من الله أن قيل، خال
رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله عز وجل لا يمح السيئ
بالسيئ، ولكن يمح السيئ بالحسن فإن الله
ليس بينه وبين أحد نسب إلاّ بطاعته، فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء، الله ربهم وهم عباده .
وخطب في الجيش ثم أعطى إشارة البدء ليتحرك الجيش، فانطلق الجيش متجهاً إلى القادسية، وفي الطريق انضمت إليه جيوش المسلمين .
وانتهت إلى سعد بن أبي وقاص إمارة جيش المسلمين وأصبح مستعداً للقاء الفرس .
احرص علي الطاعة فإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته
تعالوا لنرى ماذا فعل الفرس عندما علموا بتحرك جيش المسلمين ؟
فما أن تحرك سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى القادسية إلاّ وقد دب الرعب والفزع في أهلها، ثم أرسلوا إلى " يزد جرد " ملك الفرس ليخبروه بنزول جيش المسلمين القادسية، وكثرت استغاثة أهل القادسية بـ " يزد جرد " إلاّ أنه لم يتحرك إلاّ بعد محاولات عديدة من جانبهم وبعد أن شنّ المسلمون عدة غارات بهدف إجبارهم على الخروج لملاقاتهم . واجتمع الفرس على الخروج إلى القادسية لملاقاة المسلمين، واختار " يزد جرد " " رستم " ليكون قائداً للفرس فخرج " رستم " في مائة وعشرين ألفً من جنود الفرس لمواجهة جيش المسلمين. خرجوا بكل ما يملكون من سلاح وعتاد وأفيال وسار " رستم " بجيشه حتى أصبح قريباً من جيش المسلمين، وبلغ سعد بن أبي وقاص ذلك .
تُرى ماذا يفعل سعد ؟
بعث " سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه جماعة من الصحابة منهم النعمان بن مقرن والمغيرة بن شعبة والأشعس بن قيس وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً يدعونه إلى الدخول في دين الله عزّ وجلّ .
تُرى ماذا قال لهم رستم ؟
قال لهم رستم : ما أقدمكم إلي هنا ؟
قالوا جئنا إليكم لندعوكم إلي الدخول في دين الله
فإن أبيتم دفعتم الجزية،وخلوا بيننا وبين الناس لندعوكم
إلي عبادة الله وحده فإن أبيتم فسوف نأخذ بلادكم وأموالكم ونسبي نساءكم وأبناءكم ( نأخذهم أسري ) ونحن علي يقين من ذلك ففزع رستم مما سمع تري لماذا ؟ لأنه رأي في منامه أن ملكاً نزل من السماء (استحوذ علي ملك الفرس وأعطاه إلي رسول الله،صلى الله عليه وسلم فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي عمر - رضي الله عنه - ورغم ذلك ظل علي دينه ورفض الدخول في الإسلام وعاد الصحابة رضوان الله عليهم إلي سعد.
ورأي سعد ابن أبي وقاص أنه ما زال في حاجة إلي جمع معلومات عن جيش رستم حتى يستعد له، فأرسل مجموعة قليلة من جنوده لتأتيه برجل من الفرس، وكان من بين هذه المجموعة الصغيرة طليحة الأسدي الذي ادعي النبوة في عهد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ثم تاب وحسن إسلامه،ونجح طليحة رحمه الله في اختراق الجيوش والصفوف وقتل مجموعة من الأعداء، وأسر أحد جنود الفرس،ثم أتي به إلي سعد بن أبي وقاص،فقال له سعد رضي الله عنه : أخبرني عن رستم، فأخبره الرجل عن جيش رستم عدته وعتاده، ثم أسلم الرجل رحمه الله وقاتل مع المسلمين،ودخل الرعب والفزع في قلب رستم وجنوده وشعر في داخله أنه مهزوم لا محالة، فأرسل إلي سعد ابن أبي وقاص يطلب منه أن يبعث إليه برجل عاقل عالم بما يسأله عنه .
احرص علي جمع المعلومات عن الموضوع الذي سوف تتدرب عليه
تُرى من سيكون سفير سعد إلى رستم ؟
اختار سعد – رضي الله عنه – المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، فلما قدم . ترى ما الحوار الذي دار بينهما ؟
قال رستم له : إنكم جيراننا،وكنا نحسن إليكم ونكف الأذى عنكم، فارجعوا إلى بلادكم، ولا نمنع تجارتكم من الدخول إلى بلادنا.
قال المغيرة : ليس طلبنا الدنيا، وإنما همّنا وطلبنا هو الآخرة، وقد بعث الله إلينا رسولاً قال له : إني قد سلطت هذه الطائفة على من لم يدن بديني، فإني منتقم بهم منهم، وأجعل لهم النصر والغلبة ما داموا على هذا الدين، وهو دين الحق لا يرغب عنه أحد إلاّ ذَل ولا يعتصم به أحد إلاّ عز.
قال رستم : فما هو ؟
قال المغيرة : أمّا عموده الذي لا يصلح شئ منه إلاّ به،فشهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله.
قال رستم : ما أحسن هذا ! وأي شئ أيضاً ؟
قال المغيرة : إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد.
قال رستم : وأي شئ أيضاً ؟
قال المغيرة : الناس لآدم، فهم إخوة لأب وأُم.
قال رستم : أرأيت إن دخلنا في دينكم أترجعون عن بلادنا ؟
قال المغيرة : أي والله لا نقرب بلادكم إلاّ في تجارة أو حاجة.
قال رستم : حسن. إن دينك الإسلامي ليس دين قتل وسفك دماء،إنما
هو دين رحمة وعدل وتسامح
ونجح المغيرة – رضي الله عنه – في أن يجعل رستم قائد جيوش الفرس يستشعر عظمة هذا الدين، وأنه ليس دين قتل أو سفك دماء أو اغتصاب أرض إلاّ بالحق، إنما هو دين عدل ورحمة وسماح، ومن ثَم بدأ يفكر في دخول هذا الدين ؛ فلما خرج المغيرة من عنده عرض الإسلام على رؤساء قومه، ولكنهم رفضوا الدخول في الإسلام .
تُرى ماذا يفعل رستم ؟ وهو منذ البداية لا يرحب بخوض هذه المعركة، ولا يرحب بأن يكون قائداً للجيش.
أرسل رستم إلى سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – يطلب منه أن يرسل إليه سفيراً آخر ليتحدث معه لعل رؤساء قومه عندما يرون من صفات المسلمين أن يتراجعوا عما هم فيه ويدخلوا الإسلام ؛ فأرسل إليهم ربعي بن عامر رضي الله عنه فدخل عليهم وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة ( الوسائد المذهبة ) وكان رستم جالساً علي سرير من ذهب، ودخل عليه ربعي بن عامر يرتدي ثياباُ قديمة وسيفاً ودرعاً وفرسا وما زال راكبها حتى داس بها طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، ثم أقبل وعليه سلاحه ودرعه.
فقال رستم له : ضع سلاحك.
فقال ربعي : إني لم آتيكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فان تركتموني هكذا وإلاّ رجعت.
فقال رستم : ائذنوا له، فاقبل عليه يتوكؤ علي رمحه فوق النمارق حتى خرق معظمها.
فقالوا له : ما جاء بكم ؟
فقال ربعي : إن الله بعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلي عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلي سعتها، ومن جور الأديان إلي عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلي خلقه، لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا، ومن أبي قاتلناه أبداً حتى يحكم الله بيننا وبينه.
فقال رستم : قد سمعت مقالتكم،فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه ؟
قال ربعي : نعم،وكم أجبَّ إليكم يوماً أو يومين ؟
قالوا : لا حتى نخبر أهل رأينا ورؤساء قومنا.
فقال ربعي : ما سنّ لنا رسول الله أن نؤخر الأعداء عن اللقاء أكثر من ثلاثة أيام، فانظر في أمرك وأمرهم واختر واحدة من ثلاث ( الإسلام أو الجزية أو الحرب )
ازهد في الدنيا ولا يغرنك مباهجها،ما عند الله خير وأبقي
تري ماذا سيفعل رستم بعد هذا الحوار ؟
اجتمع رستم برؤساء القوم وقال لهم هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل ؟ فشعر رؤساء القوم أنه دخل في نفس شئ من كلام ربعي بن عامر ومن قبله المغيرة بن شعبة .
فقالوا له : أتريد أن تدع دينك إلي دين هذا ؟ الم تر ثيابه ؟ فقال رستم: لا تنظروا إلي ثيابه ولكن انظروا إلي الرأي والكلام، وفشلت كل محاولات رستم في إقناع رؤساء قومه في الدخول في الإسلام .
وفي أثناء ذلك لم يكتف سعد رضي الله عنه بسفراء رستم، بل أرسل جماعة آخرين من الصحابة رضوان الله عليهم إلى الملك ( يزد جرد ) يدعونه للإسلام قبل إطلاق إشارة بدء المعركة، فانطلقوا واستأذنوا عليه فأذن لهم .
تعالوا نتعرف على ما دار بينهم من حديث .
كان ( يزد جرد ) متكبراً حيث قابلهم بكبر وتعال وسألهم عن ملابسهم وبغالهم ؛ استهزاءً بهم، وسخر منهم، ثم قال لهم : ما الذي جاء بكم إلي بلادنا ؟
فقال النعمان ابن مقرن : إن الله رحمنا، فأرسل لنا رسولاً يدلنا علي الخير ويعرفنا الشر وينهانا عنه، وأمرنا بأن نبدأ بمن يلينا من الأمم، ندعوهم إلي الإسلام ؛ فنحن ندعوكم إلى ديننا، وهو دين الإسلام ؛ فإن أبيتم فالجزية ؛ فإن أبيتم فالحرب
قال ( يزد جرد ) : إني لا أعلم في الأرض أنه كانت أشقي ولا أقل عدداً ولا أسوأ منكم ؛ فإن كان عددكم كثر،فلا يغرنكم منا ذلك، وسخر من القوم واستهزأ بهم. فقال المغيرة بن شعبة : أيها الملك،إن هؤلاء رءوس العرب ووجوههم،وهم أشراف يستحيون من الأشراف، وإنما يكرم الأشرافُ الأشرافَ،ويعظم حقوق الأشراف الأشراف، إنك قد وصفتنا بصفة لم تكن بها عالماً .
فأما ما ذكرت من سؤال الحال ربما كان أسوأ حالاً منا، كنا نأكل الخنافس والعقارب والحيّات، وكانت منازلنا هي ظهر الأرض ولا نلبس إلاّ غزلنا من أوبار الإبل وأشعار الغنم،وكان يقتل بعضنا البعض، وكان أحدنا ليدفن ابنته وهي حية، وكان حالنا قبل اليوم ما ذكرت ؛ فبعث الله إلينا رجلاً معروفاً، نعرف نسبه ومولده حيث كان أصدقنا،وأحلمنا فدعانا إلي الإسلام، فآمنّا به، وقال : من تابعكم علي هذا فله ما لكم ومن أبي فقاتلوه فأنا الحكم بينكم، فمن قُتل منكم دخل الجنة،ومن بقي منكم كُتب له النصر بأذن الله .
فقال ( يزدجرد ) : لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكم،لا شئ لكم عندي، ارجعوا إلي صاحبكم فأعلموهأني مرسل اليه رستم حتى يدفنه وجنده في خندق القادسية
اعتز دائما بدينك
تري ماذا سيفعل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ؟
بعد أن استنفد " سعد " رضي الله عنه كل السبل معهم فما كان أمامه إلا قتالهم، فقام وخطب في الناس وتلا قوله تعالي "
"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون"
ثم حث الصحابة علي الجهاد لإعلاء كلمة الله ونصر دينه،ثم أعطي إشارة البدء مكبراً أربع تكبيرات ؛ فانطلقت جنود الله تقاتل قتالاً شديداً، وظل الفريقان يتقاتلان ثلاثة أيام، وتفوق فيها المسلمون وقتلوا خلقاً كثيراً من أعداء الله، وفي اليوم الرابع أرسل الله ريحاً شديدة قلعت خيام الفرس وأدخلت الرعب في صفوف الأعداء، فأسرع رستم لكي يهرب،ولكن المسلمين أدركوه وقتلوه وقتلوا معه الكثير، وانهزم الفرس هزيمة منكرة وكان هذا النصر فتحاً عظيماً للمسلمين .
بعد ذلك أرسل " سعد بن أبي وقاص " رضي الله عنه إلي عمر بن الخطاب يخبره بهذا النصر والفتح العظيم، وكان عمر - رضي الله عنه - يخرج كل يوم من المدينة إلي ناحية العراق ينتظر البشارة من سعد، فبينما هو ذات يوم فإذا براكب يلوّح من بعيد، فاستقبله عمر - رضي الله عنه - فقال له : فتح الله علي المسلمين بالقادسية، وغنموا غنائم كثيرة،وظل يحدثه وهو لا يعرف أنه عمر بن الخطاب،وعمر يمشي تحت راحلته فلما اقتربا من المدينة
أخذ الناس يحيُّون عمر فعرف الرجل أنه أميرالمؤمنين،فقال : يرحمك الله يا أمير المؤمنين،
هلا أعلمتني أنك الخليفة.
فقال أمير المؤمنين : لا حرج عليك يا أخي،وكانت القادسية بداية الفتح الإسلامي لبلاد الفرس.
2- بيت المقدس " مدينة السلام " الصليبيون : هم الأوربيون الذين أتوا إلى الشرق للاستيلاء على بيت المقدس في شكل حملات صليبية وكان شعارهم الصليب
أبناءنا الأحباء:
تعالوا معنا نعيش مع فتح آخر من الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إنه فتح بيت المقدس، تلك الأرض المباركة، نعم أنها مباركة كما وصفها خالقها سبحانه تعالى فى القرآن الكريم لأنها مهد الأنبياء ولخصوبة ترتبها ولكثرة أنهارها وثمارها كما أن بها المسجد الأقصى مسرى الكريم محمد ( صلى الله عليه وسلم ).
وبعد أن فتحها عمر - رضي الله عنه -وأصبحت جزءمن الدولة الإسلامية اغتصبها الصليبيون ثم حررها صلاح الدين الأيوبي، ثم اغتصبها اليهود فى العصر الحديث .
تُرى مَن سيحررها مِِن أيديهم ؟
*** اعلم أن فلسطين أرض عربية إسلامية ***
ولكن قبل أن نعيش الفتح الإسلامي لها في عهد عمر - رضي الله عنه- تعالوا في رحلة عبر التاريخ نتعرف من خلالها على أنها :
أرض إسلامية ، كان أول من سكن أرض فلسطين الكنعانيون منذ 4000 سنة ق. م ، وهم قبائل عربية سميت بهذا الاسم نسبة إلى كنعان وهو أحد أجداد العرب ، على هذه الأرض المقدسة أرسل الله رسله وأنبياءه يدعون إلى الإسلام وهو الاعتراف بوحدانية الله وأنه واحد لا شريك له الخالق لهذا الكون سبحانه وتعالى. فأرسل الله إبراهيم عليه السلام وذريته إسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم السلام يدعون إلى الإسلام
انظروا إلى تلك الدعوة التي كان يدعو بها إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام عندما كانا يرفعان قواعد البيت الحرام
والتي ذكرها القرآن الكريم .
وكانت وصية إبراهيم عليه السلام لأبنائه ألاّ يموتن إلاّ وهم مسلمون :
" ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وأنتم مسلمون " البقرة 0132
فلم يكن يهوديا أو نصرانيا، ثم أرسل الله على هذه الأرض داود وسليمان وزكريا ويحي وعيسى عليهم السلام يدعون إلى الإسلام وأقاموا حكما إسلامياً على تلك الأرض لقرون عديدة . " ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم " البقرة 128
انصر الله بإقامة ما أمرك به ينصرك على أعدائك
تعالوا لنعيش معا الصراع بين الحق والباطل حول هذه الأرض المقدسة :
أن الله ينصر من ينصره فالأمة الإسلامية التي تنصر الله بإقامة شعائره من صلاة وصيام وزكاة وحج , وتوحده ولا تشرك به شيئا يقف بجوارها وينصرها على أعدائها ويحييها حياة طيبة فى الدنيا والآخرة والأمة التي ترتكب المعاصي والذنوب وتبتعد عن الله يخذلها وتهزم من أعدائها .
فالفترة التي عاش فيها الرسل والأنبياء على هذه الأرض وحرص الناس على تطبيق ما كانوا يدعون إليه عاشوا فيها حياة طيبة، ثم بدأ الناس ينحرفون عما كانوا يدعون إليه فسلط الله عليهم قوما جبارين اغتصبوا الأرض وقتلوا الرجال والنساء والشيوخ والأطفال وتمتعوا بأنهارها وثمارها.
وفى أثناء ذلك أرسل الله موسى عليه السلام لبنى اسرائيل ليخلصهم من بطش فرعون، ثم أمر الله موسى ومن معه من بني اسرائيل الذين أسلموا بالتحرك نحو بيت المقدس ليخلصوه من الذين اغتصبوه . تذكر دائما نعمة الله عليك
ترى هل سيخلصه موسى عليه السلام ومن معه من أيدي هؤلاء الجبارين؟
خرج موسى ومن معه من مصر بعد أن نجاهم الله من بطش فرعون متجهين نحو بيت المقدس لتحريره من أيدي الجبارين، وبدأ موسى يحثهم على الجهاد والتضحية في سبيل الله ويذكرهم بنعم الله عليهم ولكن أصحاب النفوس الضعيفة من بني اسرائيل خذلوه وأظهروا خوفهم من هؤلاء القوم الجبارين وقالوا لا طاقة لنا بهم فإنهم أكثر منا عدداً وعدة، ونسي هؤلاء أنهم لا ينتصرون بعدد ولا عُدة ولكن بطاعتهم لله ، أما أصحاب النفوس القوية فوقفوا بجوار نبي الله موسى وذكّروا قومهم بأن النصر ليس بكثرة العدد والعدة إنما بقوة الإيمان فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ، ولكنهم أصروا على موقفهم وخوفهم من القوم الجبارين فكان جزاؤهم أن عاقبهم الله بالضياع فى أرض سيناء ولم يدخلوا الأرض المقدسة فظلت تحت الاحتلال .
ترى من سيحررها من أيدي هؤلاء الجبارين الذين اغتصبوه ؟
أرسل الله لبني إسرائيل نبياًّ من أنبيائه هو [ يوشع بن نون ] ليقودهم لتحرير بيت المقدس وتخليصه من أيدي المغتصبين وبدأ نبي الله يعد العدة ويجهز جيشا لتحريره ثم وضع مجموعة من الشروط لمن يريد أن يلتحق بهذا الجيش.
تأمل هذه الشروط التي وضعها نبي الله يوشع بن نون ؟
- لا يلحق بهذا الجيش رجل أوشك أن يدخل بامرأة ( يتزوجها).
- رجل بنى بيتا ولم يستكمله.
- رجل اشترى غنما وينتظر ولادتها.
لماذا وضع نبى الله يوشع بن نون هذه الشروط ؟
لقد أراد ألاّ يخرج في هذا الجيش إلاّ من انشغل بأمور الدين فأراد أن يكون الجيش كله متعلق قلبه بالجهاد والتضحية فى سبيل الله وتحرير بيت المقدس. وبهذه الصفات استطاع [ يوشع بن نون ] أن يدخل بيت المقدس ويحرره من أيدي المغتصبين وعاش بنو إسرائيل فى بيت المقدس فترة من الزمن على ما جاء به نبي الله [ يوشع بن نون ] من توحيد لله وعدم الشرك وإقامة شعائره التي أمرهم بها.
تُرى هل استمر بنو إسرائيل على طاعتهم لله واتباعهم لمنهج الله الذي جاء به موسي ويوشع بن نون عليهما السلام ؟
انحرف بنو إسرائيل عما جاء به موسى ويوشع بن نون عليهما السلام فابتعدوا عن منهج الله وتركوا ما أمرهم به الله وشاعت الفاحشة بينهم وعم الظلم والفساد فسلط الله عليهم [ جالوت ] وجنوده فاغتصبوا بيت المقدس واعتدوا على نسائهم وذبحوا أبناءهم وقتلوا أطفالهم وشيوخهم وأخرجوهم من ديارهم.
ارتكاب المعاصى والذنوب طريق الهلاك في الدنيا والآخرة
تُرى من سيحرره من جالوت وجنوده ؟
طلب بنو إسرائيل من نبي لهم أن يسأل الله أن يختار لهم ملكاً ليقودهم لتحرير بيت المقدس الذي اغتُصب منهم، فاختار الله لهم طالوت ملكا وبدأ [طالوت ] يعد العدة ويجهز جيشه لتحرير بيت المقدس ووضع طالوت خطة لتصفية الجيش الذي سيخرج معه كما فعل [ يوشع بن نون ] عليه السلام قبل أن يلتقى بجيش طالوت
أن الانتصار ليس بكثرة العدد والعدة ولكن بقوة الإيمان
تعالوا لنرى:
ماذا فعل طالوت لتصفية جيشه من ضعفاء الإيمان قبل لقاء العدو ؟
تحرك طالوت بجيشه وبعد أن ساروا فترة من الزمن وأرهقهم التعب والعطش، فإذا بنهر أمامهم فأمرهم ألا يشربوا منه ومن أراد أن يشرب فيأخذ غرفة بيده تسد عطشه ولا يشبعن، فإذا بمجموعة كبيرة من جيشه يسارعون على النهر ويشربون منه حتى ارتووا، ولم ينفّذوا ما أمرهم به طالوت، فأمرهم طالوت بالرجوع والانفصال عن جيشه، وسار بالفئة القليلة التي نفذت أوامره.
ثم تحركت الفئة القليلة الباقية مع [ طالوت ] حتى أصبحوا على مشارف بيت المقدس فإذا بجالوت قد أعد لهم من العدد والعدة ما لا طاقة لهم فدخل فى نفوس بعض جنود [ جالوت ] الخوف والرعب ولكن سرعان ما تحركت الفئة المؤمنة لتبين لهم أن النصر ليس بالعدد والعدة ولكن بقوة الإيمان فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بقوة إيمانها وتمسكها بالله ، والتقى الفريقان وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت وقتل داوود ( وكان فتىً صغيراً ) في جيش جالوت القائد القوي، وعادت القدس مرة أخرى في يد الفئة المؤمنة لتقيم فيها حُكماً إسلامياً .
ترى ماذا سيحدث بعد ذلك ؟
تولى داود الملك بعد طالوت فأقام مملكة على أرض فلسطين على أساس العدل وانتشر الأمن والأمان في الأرض وسخر الله الطير والجبال يسبحن ، ثم جاء بعده ابنه سليمان وسار على نهجه وأقام مملكته وانتشر الإسلام في عهده ودخلت فيه القبائل العربية المجاورة لفلسطين منها مملكة سبأ التي كانت بأرض اليمن وقام بتجديد المسجد الأقصى الذي بناه آدم عليه السلام ثم توالت الرسل والأنبياء على هذه الأرض المقدسة فأرسل الله لهم زكريا ويحي وعيسى عليهم السلام بعد أن انجرف أهلها عن منهج الله وقتلوا الأنبياء، وفعلوا المنكرات ولكن ظلوا على ظلمهم وقتلهم الأنبياء، فكان جزاؤهم أن سلط الله عليهم من يغتصب أرضهم من الفرس ثم الروم ( الأوربيون ) وظلوا يعانون مرارة الاحتلال من الاضطهاد والتعذيب حتى جاء الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه ليخلصهم من هذا الاحتلال.
بيت المقدس قبلة المسلمين الأولى ومسرى رسولنا الكريم
تعالوا لنرى موقف الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه من بلاد الشام وأرض فلسطين وكيف أصبحت مدينة إسلامية وكيف تخلصت من احتلال الروم لها ؟
منذ اللحظة الأولى للدعوة الإسلامية ربط الله نبيه ببيت المقدس فجعله قبلة المسلمين، ثم أُسري به من مكة إلى المسجد الأقصى وهناك صلى (صلى الله عليه وسلم ) بالأنبياء، وليبين له أهمية بيت المقدس وأنه أرض مباركة محببة إلى الله لا بد أن يسعى إلى تحريرها من أيدي المغتصبين ويخضعها للدولة الإسلامية التي سوف تقام وتنشر العدل والأمن فى العالم بعد أن انتشر فيه الظلم وعم فيه الفساد وانتشرت فيه عبادة النجوم والكواكب والنار وأشركوا مع الله إلهاً آخر.
أبو بكر يتحرك لتحرير بيت المقدس
ترى ما أول خطوة اتخذها الرسول (صلى الله عليه وسلم) لتحرير بيت المقدس ومنطقة بلاد الشام من أيدي المغتصبين لها وهم الروم ؟
كانت غزوة مؤتة أول غزوة أرسلها الرسول (صلى الله عليه وسلم) لبلاد الشام وكانت أسبابها أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد أرسل إلى ملوك الأرض ليبلغهم برسالة الإسلام فمنهم من رحب ومنهم من رفضها وكان ممن رفض قيصر ( عظيم ) الروم بل وتعرض أحد أتباعه لسفير رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) الذي أرسله إليه وقتله، وقتل الرسل والسفراء يعني إعلان الحرب فأمر الرسول (صلى الله عليه وسلم ) بتجهيز جيش قوامه ثلاثة ألاف مقاتل بقيادة مجموعة من الصحابة، وهم [ زيد بن حارثة ]، ثم قال إن قُتل زيد يتولى القيادة [ جعفر بن أبي طالب ] وإن قُتل جعفر بن أبي طالب [ فعبد الله بن رواحة ] وانطلق الجيش إلى مدينة مؤتة على مشارف الشام وتسمى اليوم الكرك وهناك التقى الجيش الإسلامي وقوامه ثلاثة آلاف مقاتل وجيش الروم وقوامه مائتا ألف مقاتل ودارت معركة بينهم قتل فيها القادة الثلاثة، ثم تولى بعدهم خالد بن الوليد ونجح فى إعادة الجيش إلى المدينة بعد أن فكر فى حيلة توحي للرومان بأن المسلمين قد جاءهم مدد جديد فألقي الرعب في قلوبهم ثم تراجع جيش المسلمين ولم يتبعه الجيش الروماني ظناً منهم أن ذلك خدعة ومكيدة حربية
في تحرير بيت المقدس وبلاد الشام كانت غزوة تبوك وقد قادها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه ومعه ثلاثون ألف مقاتل تحرك بهم نحو بلاد الشام وذلك بعد أن وصلت الأخبار للرسول (صلى الله عليه وسلم) أن هرقل عظيم الروم قد هيأ جيشا قوامه أربعون ألف مقاتل للقضاء على قوة المسلمين والدولة الإسلامية في مهدها وما أن وصل الرسول إلى تبوك فإذا به لم يجد قيصر وجنوده وقد قذف الله فى قلوبهم الرعب فتفرقوا جميعا ثم أتاه حكام بعض المدن الشامية مثل إبلة ، وجرباء ، وأذرع، وصالحوه على دفع الجزية، ثم عاد إلى المدينة (صلى الله عليه وسلم) وقبل وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) جهز حملة بقيادة أسامة بن زيد وأمره بالمسير نحو بلاد الشام ولكنه (صلى الله عليه وسلم) مات قبل أن يخرج الجيش
كن متسامحا مع غير المسلمين المسالمين
ترى ماذا سيفعل خلفاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) لتحرير بيت المقدس ؟
جاء أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - خليفة للرسول (صلى الله عليه وسلم) ، وأمر بتحرك جيش أسامة نحو بلاد الشام فخرج أسامة بجيشه إلى أن وصل إلى مشارف بلاد الشام فأقاموا أربعين يوما لم يحدث فيها قتال الروم ثم أتوا سالمين إلى المدينة ثم وجه بعدها أبو بكر الصديق أربعة جيوش إلى بلاد الشام لتحريرها من الاحتلال الرومي ثم كانت موقعة اليرموك التي انقّض فيها المسلمون على الروم بقيادة خالد بن الوليد، وتحررت العديد من مدن بلاد الشام ومنها مدينة بيت المقدس.
تعالوا لنرى كيف تم فتحها ؟
أثناء موقعة اليرموك توفى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - وتولى عمر بن الخطاب الخلافة من بعده فأمر بعزل خالد بن الوليد من قيادة الجيش حتى لا يفتن الناس به لكثرة انتصاراته وينسبون النصر له وليس لله وبعد انتهاء المعركة تولى أبو عبيدة قيادة الجيش الإسلامي في بلاد الشام وتوجه نحو بيت المقدس لحصارها وكان عمرو بن العاص قد حاصرها قبل أربعة أشهر لم ينقطع خلالها القتال مع الروم وقد وجه أبو عبيدة إلى أهل بيت المقدس رسالة .
انظروا إلى بعض ما جاء فيها :
من أبي عبيدة بن الجراح إلى أهل إيلياء (القدس) وسكانها سلامٌ على من اتبع الهدى وآمن بالله وبالرسول أما بعد فأنا أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله فإن شهدتم بذلك حرمت علينا دماؤكم وأموالكم وذراريكم ( أبناؤكم ) وكنتم إخوانا لنا وإن أبيتم فأقروا لنا بأداء الجزية وإن أنتم أبيتم سرت إليكم بقوم أشد حبا للموت منكم إلى شرب الخمر وأكل لحم الخنزير 0
ترى ماذا سيفعلون ؟
استسلام أهل بيت المقدس وعرضوا الصلح على أبي عبيدة رضي الله عنه بشرط أن يأتي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليستلم مفاتيح المدينة .
عمر يخرج ليستلم مفاتيح مدينة بيت المقدس .
تعالوا لنرى هذا المشهد وما حدث فيه :
وصل عمر بن الخطاب إلى الشام وكان فى استقباله قادة الجيوش الإسلامية [ خالد بن الوليد ] ، [ يزيد بن أبي سفيان ] , [ أبو عبيدة بن الجراح ] وهناك كتب أهل بيت المقدس الصلح وتم فتحها فى ( ربيع الآخر سنة 16هـ ) .
تأمّل في بعض ما كتبه عمر – رضي الله عنه - لأهل بيت المقدس:
هذا ما أعطى عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء( القدس ) من الأمان أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم وكل نسائهم وصلبانهم وأنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من خيرها ولا من شئ من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية ..ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وأهله مع الروم فإنهم آمنون على أنفسهم وأموالهم وشهد على ما فى هذا الخطاب قيادة الفتح الإسلامي في بلاد الشام.
تلك هي مبادئ الفتح الإسلامي وأدب الحرب فى الإسلام والتسامح والأمن والأمان للنفس والدين والمال .
وبعد تسليم مفاتيح بيت المقدس دخل عمر – رضي الله عنه – المدينة واستقبله القساوسة وطلبوا منه زيارة الكنيسة وجلس معهم في تواضع وخشوع واستبشروا خيراً بقدومه، وعندما أُذن للصلاة طلبوا منه أن يؤدي الصلاة بالكنيسة فقال: لو صليت بالكنيسة لاتخذها المسلمون موقعاً لصلاتهم من بعدي ، وصلى خارج الكنيسة على الأرض، ودخل المسجد الأقصى من الباب الذي دخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإسراء والمعراج، وبعد أن تم الفتح اتجه مع قادة الجيوش الإسلامية في بلاد الشام، اتخذ قرارات بفتح بلدان أخرى أهمها فتح مصر.
3- فتح مصر " قوة للمسلمين وعونا لهم "
أبناءنا الأحباء :
تعالوا معنا نعيش مع فتح آخر من الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بلد وصى الرسول (صلى الله عليه وسلم) بأهلها خيرًا ، إنها مصر.
ولنبدأ بهذا السؤال : كيف استطاع عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أن يقنع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بأهمية هذا الفتح بالنسبة للمسلمين ؟
بعد أن تسلم عمر - رضي الله عنه - مفاتيح بيت المقدس اتجه نحو بلدة [الجابية ] إحدى قرى دمشق ( عاصمة سوريا حالياً ) وعقد مؤتمرا مع قادة الفتح الإسلامي فى بلاد الشام وهناك عرض عليه عمرو بن العاص فتح مصر، وبين له أهمية هذا الفتح، فهي بلد غنية مليئة بالخيرات، وأنها أكثر الأرض أموالا، وأننا إذا فتحناها كانت قوة وعونا لنا، وأنها تحت سيطرة الروم، وسوف يهاجموننا منها، فهي بذلك خطر علينا ويجب فتحها حتى تكون تحت سيطرة المسلمين
مصر دائما قوة للمسلمين وعون لهم
ترى ماذا كان موقف عمر رضي الله عنه ؟
تردد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في بداية الأمر حيث كان يري أن الأمر لم يستقر فى بلاد الشام وأنها فى حاجة إلى وجود الجيش الإسلامي بها ولكن أمام الحجج القوية لعمرو بن العاص وافق عمر رضي الله عنه وأمر له بأربعة آلاف جندى، وتحرك عمرو بن العاص – رضي الله عنه – نحو مصر لفتحها ، وما أن سار عمرو نحو مصر إلاّ وبدأ بعض أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) يثيرون المخاوف في نفس عمر مرة أخرى فأرسل إلى عمرو بن العاص بخطاب قال له فيه اذا وصلتك رسالتي هذه وكنت لم تدخل مصر فارجع عنها ، وإذا كنت قد دخلتها فاستمر فى التقدم وعندما وصلت الرسالة كان عمرو وجنوده قد وصلوا الى العريش وهي جزء من أرض مصر، ففتحها وكان ذلك ( سنة 19هـ ) فقرأها على الجيش، وقال لهم إذن نسير على بركة الله كما يأمرنا أمير المؤمنين وبدأت مراحل الفتح
تعالوا لنرى مراحل هذا الفتح ؟
تحرك عمرو بن العاص بجيشه نحو مدينة ( الفرما ) وكانت محصنة فحاصرها المسلمون شهرا كاملا دارت فيها معركة بين الروم والمسلمين، انتصر فيها المسلمون وتمكنوا من دخول المدينة والسيطرة عليها وتراجعت القوات الرومانية إلى الخلف وبذلك سقطت أول مدينة مصرية وكانت مفتاح دخول مصر من جهة الشرق بعدها تحرك عمرو بجيشه نحو ( بلبيس ) وفتحها، ثم اتجه الى حصن بابليون ( القاهرة الحالية) ، وكان قلب مصر اذا نجح المسلمون فى فتحها أصبح الطريق أمامهم سهلاً للسيطرة على عاصمة مصر حينذاك وهي الإسكندرية
تري ماذا سيحدث في بابليون ؟
هناك في حصن ( بابليون ) تجمعت القوّات الرومية وأعدوا العدة للقضاء على قوات المسلمين، وعسكر المسلمين فى منطقة تسمي هليوبوليس ( عين شمس الحالية ) في أثناء ذلك أرسل عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يطلب منه أن يرسل إليه بعض القوات بعد أن علم أن عدد الجيش الرومي فى حصن بابليون خمسة وعشرون ألف مقاتل، فأرسل عمر رضي الله عنه قوة كبيرة بقيادة الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مجلّد، وبوصول هذه القوات زادت قوات المسلمين وتضاعف جيشهم، ولكن كان الحصن منيعا ولم تستطع قوات المسلمين فتحه والسيطرة عليه
ماذا سيفعل عمرو بن العاص أمام هذا الحصن المنيع ؟
في الوقت الذي فكر فيه عمرو بن العاص أنه لا بد من حيلة لاستدراج الجيش الرومي الى خارج الحصن قرر قائد الروم الخروج من الحصن والهجوم على معسكر المسلمين في عين شمس، ودارت بين الفريقين أشد المعارك التى انتهت بالقضاء على معظم قوات جيش الروم، وانسحب الباقي الى داخل الحصن تاركين مدينة بابليون نفسها للجيش الإسلامي، وحاصر عمرو بجيشه الحصن ثمانية أشهر واضطر المقوقس حاكم مصر الى إرسال وفد للتفاوض مع عمرو بن العاص ومحاولة إغرائه بالمال على أن يرجع الى بلده وهددهم بأن الروم يجمعون كل طاقتهم للقضاء عليهم .
ترى ماذا كان رد عمرو - رضي الله عنه - ؟
أنه ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال :
- إذا دخلتم الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم مالنا .
- وإن أبيتم أعطيتم الجزية ( والجزية كانت مبلغاً من المال يعفى منه غير القادرين مقابل حمايتهم ) .
- وإما جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وبينكم وهو خير الحاكمين
ثم أرسل عمرو بن العاص وفد الى المقوقس من عشرة رجال برئاسة عبادة بن الصامت. لا تخف من أعداء الله وثق في نصر الله للمسلمين
ولم يجد المقوقس : إلاّ الصلح وقبول الجزية، ولكن ( هرقل ) عظيم الروم لم يوافق على الصلح واستؤنفت المعارك مرة أخرى، واشتد الحصار على الحصن في أثناء ذلك مات ( هرقل ) ووقعت خسائر كبيرة في صفوف الروم داخل الحصن نتيجة المرض والجوع وعدم وصول أية إمدادات لهم من الخارج وكثّف الجيش الإسلامي الهجوم على الحصن مما اضطر قائد القوّات الرومانية إلى تسليمه ، فظل فيه مقابل السماح لهم بالانسحاب ، وبسقوط حصن ( بابلبون ) لم يبق أمام عمرو بن العاص وجيشه سوى الإسكندرية عاصمة مصر في ذلك الوقت .
تعالوا لنرى كيف سقطت الإسكندرية عاصمة مصر الأولى ؟
لم يبق أمام الروم إلاّ الإسكندرية ليحتموا بها، فكانت ذات أسوار عالية وحصون منيعة، والبحر من ورائها كان سبيلاً للهروب من الأعداء.
تحرك عمرو بن العاص بجيشه نحو مدينة الإسكندرية بعد أن انضم إليه بعض المصريين الذين دخلوا الإسلام ، وإمدادات من عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – لفتح الإسكندرية ، وفي طريقه دارت بينه وبين قوات الروم معارك انتصر فيها جيش المسلمين، وما أن وصل إلى الإسكندرية إلاّ وانهالت عليه الحجارة من فوق أسوار المدينة ولقي مقاومة عنيفة مما اضطره إلى التراجع بعيدأ عنها ، واستمر حصار مدينة الإسكندرية ثلاثة أشهر وفي أثناء ذلك استبطأ الخليفة عمر بن الخطاب فتح الإسكندرية والانتهاء من فتح مصر، فقد استمر الأمر أكثر من سنتين فأرسل خطاب إلى عمرو بن العاص .
تُرى ماذا في هذا الخطاب ؟ انظروا إلى بعض ما جاء فيه
كن متسامحا مع غير المسلمين، تلك هي مبادئ الإسلام
تُرى ماذا في هذا الخطاب ؟ انظروا إلى بعض ما جاء فيه
أما بعد فقد عجب