إن تعليم الأبناء عن طريق القول والتوجيه والنصيحة فقط، عملية غير مجدية مالم يقترن التعليم بالعمل فيجب على الوالدين أن يجعلا البيت محيطاً صالحاً للتربية وذلك من خلال أعمالهم وتصرفاتهم، بحيث تصبح الحياة فيه مساعدة على تربية الأبناء، ومن هذا المنطق ينبغي أن يكون الوالدان قدوة حسنة لأبنائهم.
إن الأبناء وبالأخص الناشئين يضعون تصرف وعمل والديهم ومربيهم تحت مجهر النقد والتمحيص والفحص، وقد يفرطون أيضاً في هذا المجال، وإذا ماشاهدوا تفاوتاً بين التصرف والقول، فإنهم لايأخذون بتوصياتهم ولايثقون بها، وإذا فقد الناشئ الثقة بوالديه، فإنه من الطبيعي سيخرج من دائرة تربيتهم وطاعتهم.
لذلك نجد لزاما أن يصلح الأهل عيوبهم حفاظاً على الأبناء.
وهكذا عندما يشاهد الأبناء القيم الإنسانية والأخلاقية، تترجم بشكل عملي في تصرف وحياة الوالدين، يتعرفون عملياً على عظمة هذه القيم، حيث يمكن تعليم الأبناء بسهولة آداب الحياة الصحيحة، ويكون تقبلهم لها في مراحل الطفولة، أفضل وأسهل وبهذا يمكن تلافي الكثير من المشكلات التربوية التي تحصل في السنوات اللاحقة
لهذا نرى أن الانضباط في البيت، يجب أن لايكون قسرياً وخالياً من أي تفاعل، وغير مقروناً بالخشونة، وإنما بالمرونة والتفاهم، فالأب والأم إذا كانا يعتقدان بهذه الأسس ويراعيانها عملياً وبصورة جدية، فإنهما يستطيعان وبقليل من المراقبة أن يعودا أبنائهما على هذه الأسس السليمة.
فعلى سبيل المثال مراعاة النظافة والصحة، والاقتصاد والامتناع عن التبذير والإسراف والتعاون في الأمور ومراعاة حقوق الآخرين ومراعاة الأدب في التصرف والقول، والامتناع عن إتلاف الوقت و... كلها من الأصول التي يمكن وضعها في إطار برنامج عملي مناسب لتعليم الأبناء.
وكنموذج يجب أن تكون أوقات النوم واستراحة الأبناء مشخصة، ويجب أن لايكون نومهم طويلاً، كي لا يصبحوا كسالى وضعيفي الإرادة، كما أن البرنامج الغذائي والأمور الترفيهية يجب أن لاتكون بالشكل الذي يربي الأبناء على الميوعة وألا فسوف لايتمكنون من الصمود ومجابهة مشكلات الحياة، ويصبحون أفراداً ضعيفي النفوس، قليلي العمل، عاجزين وأنانيين، كما يجب تعليم الأبناء ومنذ صغرهم مشاركة ومساعدة والديهم في أمور المنزل والقيام بأمورهم الشخصية حتى ينمو عندهم الشعور بالمسؤولية.