أشرف صالح عضو سوبر
عدد المساهمات : 1048 تاريخ التسجيل : 16/04/2009 العمر : 59 الموقع : أورمان طلخا للتعليم الأساسى ( ابتدائى )
| موضوع: التعصب 20/5/2009, 11:29 am | |
| مقـــدمـــة... العلاقة التي تربط الإنسان بالمجتمع علاقة ضرورة وليست علاقة سلبية أو علاقة تعارض متضادة، ومن أبرز معالمها أنها ديناميكية، ملؤها التفاعل والتبادل المستمر.. فبتفاعل الفرد مع المجتمع يتكون التماسك والتداخل والتشابك الاجتماعي بأشكاله الثقافية والاقتصادية والسياسية والروحية، وبتأثير هذا التبادل والتفاعل للأدوار الاجتماعية، يحصل التكامل النفسي للفرد والتكامل الاجتماعي للمجتمع ككل.. فالفرد يحقق ذاته من خلال الجماعة، والجماعة تحقق وجودها من خلال مجموع الجماعات والشعوب في وحدتها الكلية لتشكل ديناميكية ارتقائية تنشد الرقي وليس نقيضه. إن موضوع اتجاهات التعصب (التطرف) بكل أشكالها وأنواعها تشمل الإنسان بما هو إنسان.. في شقائه أو راحته.. فهذا الشقاء هو شقاء النفس في صراعها مع الداخل أولاً، ومع المجتمع ثانياً. أو في راحتها مع النفس أولاً ومع المجتمع ثانياً، لذا فإن الحياة لا تستقيم مع الصراع غير المحسوم سواء أكان ذلك داخلياً يهزّ الكيان النفسي للإنسان ويحرم عليه راحة البال في وجوده الإنساني، أو كان خارجياً يهزّ صلته بالوجود الخارجي وبحضوره أمام الآخرين كإنسان خلقه الله وجعل فيه عقلاً مدبراً، ولكن فقد هذه القدرة التي منحها الله له. لاشك أن مفهومي الاتجاهات والتعصب (التطرف) يحتلان مكان الصدارة في الدراسات النفسية الاجتماعية المتخصصة جداً، لا من حيث المنهج الأكاديمي فحسب، وإنما بسبب صلتهما المباشرة والدقيقة بحياة الإنسان والمجتمع، وآثارهما المتوقعة في النتائج، لما يحملانه من عواقب إذا ما فشلت الجهود في البناء والتربية والتنشئة الاجتماعية الأولى، فالاتجاه يعرّف بأنه نزعة (نحو) أو (ضد) بعض العوامل البيئية، تصبح قيمة إيجابية أو سلبية(1)، أما التعصب فهو اتجاه نفسي لدى الفرد يجعله يدرك فرداً معيناً أو جماعة معينة أو موضوعاً معينا إدراكاً إيجابياً محباً أو سلبياً كارهاً دون أن يكون لذلك ما يبرره من المنطق أو الشواهد التجريبية(2). لذا فإن مناقشة موضوع التعصب أو التطرف بكل أشكاله السياسية أو الأدبية أو العنصرية أو الدينية، إنما هو سبر أغوار النفس الإنسانية بنشأتها وتكوينها، وهي محاولة لا يألوا الإنسان فيها جهداً لمصارعة ذاته بذاته، فإما أن ينتصر عليها ويخضعها لسلطان العقل أو أن تفلت من عقال العقل وتنحدر نحو الحيوانية بعد أن خلقها الله بأحسن تقويم. ويقول الرسول الأكرم (ص): (ما عبد الله بمثل العقل وما تم عقل امرئ حتى يكون فيه عشر خصال (..) وأما العاشرة لا يرى أحدا إلا وقال هو خير مني وأتقى، فإذا التقى الذي هو خير منه وأتقى تواضع له، وإذا التقى الذي هو شرٌ منه وأدنى، قال عسى أن يكون خير هذا باطناً وشره ظاهراً فإذا فعل علا مجده وساد أهل زمانه). التفسير النفسي للتعصب إن إدراك أية مشكلة ومدى خطورتها، هو الوعي في محاولة إيجاد حل لتلك المشكلة، ويعد البداية الأولى لمعرفتها.. فمشكلة التعصب لدى الإنسان، هي مشكلة جوهر وجود الكيان الإنساني السوي، فإذا ما آمن الفرد بهذا النمط من السلوك في التعامل مع فرد ما بعينه أو مجموعة ما بعينها، فهو يعد اضطراباً في معيار الصحة النفسية أو العقلية.. وهو صراع داخلي يحدث للفرد وينم عن اختلال التوازن.. وبذلك فإننا نسلّم جدلاً بأن الفرد المتعصب هو بحكم المريض عقلياً ونفسياً، لما يتميز به من جمود وتصلب في الرأي. ومن المعروف لدى الجميع وخاصة المشتغلين في علوم النفس، أن النفس الإنسانية تكره الكشف عما يدور في ثناياها وما تخبئه، حتى قيل أن التحديق في ذواتنا الداخلية أمر محبط، ومواجهتها بصدق وإخلاص من أصعب الأشياء وأعقدها، وذلك بسبب ما تحمله من نزعات تنطوي على الكثير من الأخطاء ومن الخوف من مواجهتها بتلك الحقائق، لذا فإن مواجهة النفس من أصعب المواجهات وأعقدها. ويرى مصطفى زيور عالم النفس المصري أن التعصب ظاهرة اجتماعية لها بواعثها النفسية، وهي تنشأ أولاً وقبل كل شيء من بواعث نفسية لا علاقة لها في الأصل بالعقيدة الدينية(3)، وإن اتجاهات التعصب تفسر على النحو التالي: إن العدوان طاقة انفعالية لابد لها من منفس، ويتخذ لذلك موضوعاً معيناً تفرغ فيه الشحنة الزائدة، وإذا لم يتمكن العدوان من أن يصل إلى مصدر، فإنه يلتمس مصدراً آخر يصبح كبش الفداء، ومثال على ذلك الموظف الذي يوجه له رئيسه التوبيخ والإهانة، ثم لا يستطيع أن يرد على رئيسه، فإنه عندما يعود لمنزله يصب غضبه على زوجته وأبنائه(4)، ويحتمل أن يتحول العدوان لدى الإنسان من موضوع إلى موضوع آخر، أو يستبدل هدفاً بهدف لغرض التفريغ والتخلص من الشحنات المكبوتة، وإذا ما منع هذا التحول أو الاستبدال، ارتدّ نحو الذات، وبذلك تفتك النفس بنفسها. إذن تتركز مشكلة التعصب ومظاهرها في العدوان، وكيفية تصريفه، وتحويل هذا العنف المدفون داخل النفس الإنسانية إلى موضوعات أخرى في المجتمع، ولكن التساؤل المطروح إزاء هذا الموضوع (تصريف العدوان)، هو: ما الذي يدفع إلى تحديد هدف ما ينتقل صوبه العدوان دون غيره؟ بمعنى آخر: ما هو نوع الموضوع الذي تتوفر فيه الصفات لكي يصبح كبش الفداء؟. إن الدافع الأساس لتبرير التعصب وإسقاط هذه المشاعر نحو شخص ما ليصبح كبش الفداء ينبع أساساً من غريزة حفظ البقاء والتي تسمى بالعامل النرجسي أي (حب الذات - الأنانية)، لذا فإن الصدى الداخلي الكامن لدى المتعصب في هذا السلوك هو الدفاع عن النفس، والدفاع عن النفس يعني من الناحية السيكولوجية بقاء الوضع الشخصي النفسي الراهن كما هو، حتى وإن كان كله أعوجاً وغير صحيح، مهما كلف الأمر، ومهما صاحبه من معاناة وشقاء ومتاعب نفسية. لذا فإن الشخص الذي يتخذ من التعصب درعاً له، إنما يتقي به شر الآخرين، ويسقط ما بداخله من مشاعر أليمة من العدوان، وهو غير قادر على التخلص منها. فالتعصب إذن وسيلة للدفاع عن النفس، وهو أوهام تبعث للشعور بالأمان وتزويده بالطمأنينة.. واعتقاداً بوجود خطر خارجي، فبدلاً من انتظاره ومواجهته، يعجل بالهجوم عليه وإنهائه.. في حين لا أساس في الواقع لهذا الخطر، ولا داعي لهذا التوثب والتحفز الدائم للدفاع عن النفس، فهي مجرد تخيلات لدى الفرد المتعصب، يصنعها من خياله ويعتقد بها ويبدأ في ممارستها عملياً. وخلاصة القول أن التعصب يؤدي وظيفة نفسية خاصة تتلخص في التنفيس عما يعتلج في النفس من كراهية وعدوان مكبوت، وذلك عن طريق عملية نقل ذلك العدوان واستبداله بموضوع آخر دفاعاً عن الذات. فالمتعصب إذن يجني من موقفه كسباً، غير أن هذا الكسب لا يختلف عما يجنيه المريض نفسياً من سلوكه الشاذ، أي أنه كسب وهمي ناقص(5). ويصدق قول الإمام علي بن أبي طالب (ع): (ليكن آثر (أفضل) الناس عندك من أهدى إليك عيبك وأعانك على نفسك). | |
|
كريم أشرف عضو سوبر
عدد المساهمات : 777 تاريخ التسجيل : 31/05/2009 العمر : 28
| موضوع: رد: التعصب 31/5/2009, 6:49 pm | |
| موضع شيق أستاذ أشرف لما له من نواحى قيمة فى حياة الفرض | |
|
رجل المستقبل عضو سوبر
عدد المساهمات : 1285 تاريخ التسجيل : 19/04/2009 العمر : 51
| موضوع: رد: التعصب 31/5/2009, 9:35 pm | |
| ايه الجمال ده يابو كريم بارك الله فيك | |
|