مدينة
كان عبد المطلب من سادات قريش، محافظاً على العهود، متخلقاً بمكارم الأخلاق، يحب المساكين، ويقوم على خدمة الحجيج، ويطعم في الأزمات، حتى كان يطعم الوحوش والطير في رؤوس الجبال، وكان شريفاً مطاعاً جواداً، وكانت قريش تسميه الفياض لسخائه، وهو الذي عقد الحلف بين قريش وبين النجاشي.
وكان عبد المطلب يشغل منصب الرئاسة في قومه، فهو رئيس بني هاشم وبني المطلب في حرب الفجار، وكان في قومه شريفاً وشاعراً، ولم يدرك الإسلام.
وأسلم من أولاده، حمزة بن عبد المطلب ، و العباس ، و عاتكه ، و صفية ، ومن بناته أيضا: البيضاء أم حكيم ، برة بنت عبد المطلب ، و عاتكة أم عبد الله بن أبي أمية ، و صفية أم الزبير بن العوام ، وأروى أم آل جحش .
وكان عبد الله أحب الأبناء إلى قلب والده عبد المطلب حيث كانت له منزلة جليلة القدر، وحدث ذات مرة أن نذر عبد المطلب إن رزقه الله عشرة من الولد أن ينحر أحدهم، فلما رزقه الله عشرة من الولد، أقرع بينهم أيهم ينحر، فوقعت القرعة على عبد الله ابنه الأصغر، وكان أحب الناس إليه، فقال عبد المطلب: اللهم هو أو مائة من الإبل، ثم أقرع بينه وبين مائة من الإبل، فوقعت القرعة على مائة من الإبل. وهذه الحادثة فيها دلالة على حفظ الله تعالى لوالد النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعد ذلك اختار عبد المطلب زوجة لابنه عبد الله ، وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، وكانت يومئذ تعد أفضل امرأة في قريش نسبًا وموضعًا، وأبوها سيد بني زهرة نسبًا وشرفًا، فزوجه بها، فبنى بها عبد الله في مكة، ثم خرج بعد أشهر من بنائه بآمنة ، يضرب مناكب الأرض ابتغاء الرزق، وذهب في رحلة الصيف إلى الشام، فذهب ولم يعد، وبعدها عادت القافلة تحمل أنباء مرضه، وبعدها خبر وفاته، وكانت وفاته قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم،.
ولما ولدت آمنة النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت به إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده، فجاء مستبشرًا ودخل به الكعبة، ودعا الله وشكر له. واختار له اسم محمد ـ وهذا الاسم لم يكن العرب يألفونه، لذلك سألوه: لم رغب عن أسماء آبائه؟ فأجاب: أردت أن يحمده الله في السماء، وأن يحمده الخلق في الأرض.
وقد رويت أخبار تبين مدى عناية عبد المطلب برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه آمنة ، فمن ذلك ما رواه أبو يعلى بإسناد حسن، أن عبد المطلب أرسل محمدا ذات مرة ليتبع إبلاً ضلت، فتأخر عليه حتى حزن حزنا شديدا، وعندما عاد محمد بالإبل أقسم ألا يبعثه في حاجة له أبدا ولا يفارقه بعد هذا أبدا.
ومما روي أيضا أن عبد المطلب كان يقرب رسول الله منه ، ولا يدع أحدا يدخل عليه وهو نائم، وكان لا ينام إلا ومحمد بجانبه، ولا يخرج من البيت إلا وهو معه، وكان له مجلس لا يجلس عليه غيره.
وظل عبد المطلب يحوط النبي صلى الله عليه وسلم ويضعه تحت رعايته، حتى أحس عبد المطلب بلحظة الفراق، فرأى من نفسه أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب ، ثم توفي عبد المطلب وعمر النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنوات