اك سحابتانِ: سحابةُ مطرٍ، وسحابةُ دخان.. كانت سحابةُ المطر، تطوف في أرجاء السماء، فرحة مسرورة، فسمَعتْ نداءاتٍ حزينةً، تصعدُ من الأرض، تستغيث بها، وتطلبُ المطر.. سمعَتْ نداءَ الفلاحين البائسين، ونداءَ الحقول الظامئة.
سمعَتْ نداءَ الأشجارِ الذابلة، ونداءَ الأنهار الناضبة.
سمعَتْ نداءاتٍ كثيرةً وحزينة..
حزنتِ السحابة الرحيمة، ونزلَتْ إلى الأرض، تحملُ الفرحَ والمطر.
صادفَتْ في طريقها، سحابةَ الدخانِ، وهي تصعد إلى السماء، فسألتها قائلة:
-إلى أين أنتِ ذاهبة؟
-أنا ذاهبة إلى السماء .
-مَنْ أرسلكِ إليها؟
-الناسُ أرسلوني .
-ألا تعرفينَ أنّ دخانَكِ يلوّثها؟
-هذا أمرٌ لا يعنيكِ
قالت سحابة المطر:
-السماءُ وطني، ولن أدعكِ تلوّثينه .
-أنا حرّةٌ، أفعلُ ما أشاء .
-لستِ حرّةً، عندما تؤذين غيرك .
وطال بينهما الجدال، وظلّتْ سحابةُ الدخان،
متشبثةً بالعناد، فغضبَتْ سحابةُ المطر، وصبَّتْ ماءها الغزير، على سحابة الدخان..
وتعارك المطرُ والدخان، فانتصرَ المطرُ، وتلاشى الدخان..
ونزل المطرْ إلى الأرض، ولكنّه كان مطراً أسود!
نظر الناسُ إليه، وقالوا مستنكرين:
-مطر أسود!.. ما أبشعه!!
قال المطر، وهو محزون:
-لا تلوموني، ولوموا أنفسكم.
[center]