عاشت شجيراتُ الورد، أمام بيتٍ صغير، على طرف القرية، وكانت صاحبة البيت العجوز، تحبّ وردَها كثيراً، وتوليه كلّ عناية، وتسقيه كلّ يوم، وعلى الرغم من ذلك، لم يكن الورد سعيداً..
-لماذا؟
-لأنّ الأولادَ يقطفون منه خلسة، والحيوانات تدوس فوقه، وتتلف بعضه.
عاش الورد في حزن وخوف
فكّرتِ العجوزُ في أمره، فاهتدَتْ إلى الحل، وغرسَتْ أشجار العَوْسَج حول الورد..
وعندما كبر العوسج، أحاط بالورد الجميل، شاهراً أشواكه الحادة، كأنه صفّ من الجنود المسلّحين..
حاول الأولادُ اختراقه، فأدمى أناملهم، وانصرفوا يائسين..
ومدّتِ الحيواناتُ أفواهها، فوخزها شوكه، وارتدّتْ غاضبة.
فرح الوردُ بحياته الآمنة، فملأ المكانَ عطراً وسحراً..
وذات صباح مشرق، تفتّحَتْ وردةٌ صغيرة، فرأتْ دنيا جميلة..
غسلَتْ وجهها الأحمر بقطرات الندى، وشرعَتْ تميل مختالة، وترنو حولها، فرأت قربها، شجرة عوسج..
نفرَتْ من شكلها، وخاطبَتْها ساخرة:
-ما اسمك أيتها الشجرة الغريبة؟
-أنا شجرة العوسج.
-ما هذه الحِرابُ التي تحملينها؟!
-هذه أشواكي .
-ما أقبح شكلكِ بهذه الأشواكّ!
-لا أستطيع تغيير شكلي، يا صغيرتي الجميلة!
-إذا كان شكلك قبيحاً، فلمَ تعيشينَ قرب الورد الجميل!؟
قالت شجيرة الورد، وقد نفذ صبرها:
-تعيش قرب الورد الجميل، لتحمي جماله من الأذى .
-بأيّ شيءٍ تحميه؟!
-تحميه بهذه الأشواك، التي تسخرين منها .
-الورد لا يعتدي عليه أحد .
وانقطع الحوار فجأة، حينما مدّ ولدٌ يده، ولوى عنق الوردة ليقطفها، فبدأت ترتجف مذعورة.. هاجمَتِ العوسجةُ الولدَ، وطعنته بأشواكها الحادّةِ، فأبعدَ يدَهُ مسرعاً، وانصرف متألّماً، يفرك ساعده، وينفخ عليه..
قالت شجيرة الورد:
-شكراً لكِ أيتها العوسجةُ الطيّبة!
خجلَتِ الوردةُ الصغيرة، واعتذرَتْ إلى شجرة العوسج، فسامحتها العوسجة، وقالت لها:
-لن أدعَ أحداً يعتدي على شكلكِ الجميل.
قالت الوردة الصغيرة:
-وأنا لن أنكر -بعد اليوم- فعلَكِ الجميل.
[center]