وكذا يصف باسلامة عمارة البئر في عصره (منتصف القرن الرابع عشر ) ، قائلاً : « أما حالة بئر زمزم التي عليها اليوم ، فهو بئر مدور الفوهة عليه قطعة من الرخام المرمر على قدر سعة فمه ، ويبلغ ارتفاعها عن بلاط الأرض التي حول البئر من داخل القبة ذراعين ونصف ذراع اليد أو (120سم) تقريبًا . وأرض بيت زمزم أو داخل قبة زمزم مفروش بالرخام الأبيض ، ويحيط بفم البئر أعلاه درابزين معمول من الحديد الثخين ، وفوق الدرابزين شبكة من حديد وضعت فوق ذلك الدرابزين سنة (1332هـ) ، وكان السبب في وضعها هو أن رجلاً من الأفغان ألقى بنفسه في بئر زمزم ، فلما أخرج اهتمت الحكومة التركية لذلك الحادث ، وخشيت من تكراره ، فارتأت أن تعمل حائلاً يمنع كل من أراد أن يلقي نفسه في البئر ، فتقرر عمل الشبكة المذكورة وقاية لذلك ، ووضعت بسرعة، وقد شاهدت ذلك بنفسي .
وأما البناء القائم على بئر زمزم ، فهو بناء مربع الشكل من الداخل طول كل ضلع منه 11 ذراعًا بذراع اليد ، وسطح البئر مغموس بالحجر والنورة ، وفي الجهة الشرقية باب قبة زمزم ، وعلى جناح الباب الشمالي طاقة عليها شباك ثخين ، وكان في جدار الطاقة سبيل قديم ، ثم أبطل عمله ، وكذلك على جناح الباب الجنوبي طاقة عليها شباك ثخين ، وكان أيضًا في جدار الطاقة سبيل قديم قد أبطل عمله ، ومن الجهة الشمالية ثلاثة منافذ عليها ثلاثة شبابيك ، لكل منفذ شباك ، ومن الجهة الغربية مما يلي الكعبة المعظمة ثلاث منافذ ، ولكل منفذ شباك ثخين ، وعلى نصف سطح البئر من الجهة الغربية المقابلة للكعبة منافذ ، ولكل منفذ شباك ثخين ، وعلى نصف سطح البئر من الجهة الغربية المقابلة للكعبة المعظمة مظلة قائمة على أربع متر ، بنيت في النصف الأمامي من سطح البئر ، وعلى أربع أساطين لطاف ، وضعت اثنتان منها على جدار البئر الأمامي مما يلي الكعبة المعظمة ، واثنتان على حد منتصف البئر من الجهة الشرقية » .
أما عن عمارته في العهد السعودي الزاهر ، فقد كان إلى وقت قريب تُستخدم الدلاء لاستخراج ماء زمزم من البئر ، حتى أمر الملك عبد العزيز رحمه الله بتركيب مضخة عام 1373هـ تضخ ماء زمزم إلى خزانين علويين من الزنك ، ووُصِّل بكل خزان اثنا عشر صنبورًا موزعة حول البئر ؛ لاستخدامها إلى جانب الدلاء حسب الرغبة ، ثم أزيلت المباني المقامة على البئر .
وفي سنة 1382هـ صدر الأمر السامي الكريم من الملك سعود بتوسيع المطاف ، فخفضت فوهة البئر أسفل المطاف في قبو عمقه (2.7) م ، يتم النـزول إليه بدرج ينقسم إلى قسمين : أحدهما للرجال ، والآخر للنساء ، وبهذا تكون قد انتهت مرحلة الدلاء نهائيًا ، واستبدلت بالصنابير، وتم تطوير البئر إلى أبدع ما يكون، وتم ذلك عام 1383هـ.